كتب ـ محمد الحمامصي
كشف الكاتبان اللبنانيان الروائي رشيد الضعيف، والروائية علوية صبح، في ندوتهما على هامش فعاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب في دورته الـ 16 الذي تجري فعالياته بالمركب الأولمبي محمد بوضياف، والتي جاءت بعنوان “علائقية الجسد في الكتابة الروائية” أن للجسد علاقة وطيدة بالأجناس الأدبية المختلفة، إن لم تكن علاقة لازمة
.
أوضح رشيد الضعيف أن الكتابات الروائية في الأزمنة الغابرة كانت تتناول الحياة النفسية لكل من الرجل والمرأة باعتبارهما أطراف العلاقة الجنسية، مستشهدا بابن قتيبة في مقدمته “عيون الأخبار” الذي تحدث عن جسد المرأة بحرية تامة وجعل أفكاره تسترسل وتنساب بانسياب مطلق دون قيد يحدها من رقابة ضابط المجتمع الذي كان يحيا في خضمه، بل كل أعماله يقول ذات المتحدث كانت مطلوبة بصورة مذهلة لدى الخليفة آنذاك لغرض التسلية، فالمسعودي والإصفهاني وغيرهما تكلموا في كتباتهم عن شخصيات أقرب إلى القلب بكلام أخجل من التلفظ به أمامكم.
وأضاف الضعيف “إلا أنهم فعلوا ذلك بقصد الإمتاع والمؤانسة حتى لا يمل المتلقي وهو يتصفح كتبهم، ففي عهد هؤلاء كان مجال الحرية في الكتابة واسعا، كل شيء مباح، حيث كتبوا عن الدين، وعن الجنس، وعن كل شيء نعتبره في وقتنا الراهن من التابوهات، وهنا ما يهمنا نحن كروائيين أنه على الرغم من عراقة تلك الأعمال الأدبية إلا أنها مازالت صحيحة، ولم تطلها يد الخدش أو التغير من محتواها”.
وقال “إن للرواية مناخا خاصا ومتميزا، وتتنامى ضمن شروط معينة، فهي تتعامل مع متغيرات الحياة وتعبر عن تجلياتها اليوم ما لحق بوضع المرأة حيث صودرت ذهنياتها، وأصبحت كائنا تائها، وأصبح التطرق إلى وصف أعضائها خروجا عن المنطق”.
وأشار إلى السياق التاريخي للرواية العربية وكيفية انتقالها من الطغيان الفكري والأيديولوجي خلال القرن التاسع عشر حيث لم يكن للكلام عن الجسد مكان، لكن ذلك اختلف في ربع القرن الأول من القرن العشرين حيث ظهر تيار جديد من الروائيين الذي انصب اهتمامه على الفرد كنموذج لا من أجل الإصلاح إنما لتجسيد ضرورة الاعتناء به عن طريق ذكر خصوصياته، وازداد شغف الروائيين لتطرق لهذه الأعضاء.
وقال الضعيف “مع التحولات التي عرفها العالم العربي وظهور الدولة المدنية وبداية الصراع حيث انتقل إلى مضجع الزوجين وأحدث صراعا حادا بين الفكر الشرقي ومفهومه للعلاقة الجنسية، والتطور الحاصل الذي أدخل على هذه العلاقة مع الانفتاح نحو العالم الغربي”.
من جهتها أكدت الروائية علوية صبح أن أعضاء الجسد ضرورة أدبية، والمبدع يجب أن يمارس عمله بكل حرية دون سلطة ضابط المجتمع، وقالت: “الكتابة فعل حرية وليست ردة فعل، بمعني أنا لم أكتب الجنس لأقول إنني جريئة أو أقول إنني أريد أن أخدش المجتمع وأخدش الأخلاق، لست بحاجة لذلك، لأنني أؤمن بأن الكتابة هي فعل حرية بحد ذاتها، وأعتقد أن القارئ والقارئة شعرا بأن الجنس عفوي وليس مفتعلا، الجنس في رواياتي في لحظة ما، في لحظة لكشف الشخصية لا بد وأن أمر علي الجسد، فعل يشكل عامل إضاءة علي الشخصية وليس هو خارج الشخصية، ليس مفتعلا، يعني حين تريد أن تحفّر في الشخصية وأن تكشف بناها النفسية والذهنية والعاطفية والفكرية لا بد في لحظة ما أن تصدم بالجسد وأن تعبر عنه
وأضافت صبح “الجنس عندي هنا كشف إنساني بهذا الجسد وعلاقة المرأة بجسدها وبالرجل علاقة الرجل بجسده وبالمرأة، أي يحمل هذا الجسد كل المؤشرات الثقافية والاجتماعية والذهنية للمجتمع، لذا لا بد لعملية الحفر أن تضيء على الجسد، لذلك أنا ضد كتابة الجنس المفتعلة، التي هي فقط للقول بادعاء جرأة أو ليس له مبرر فني، كل ما له مبرر فني يحق للكاتب أن يكتبه إذا كانت هناك حاجة فنية، والجنس في رواياتي حاجة فنية، لأنه في اللحظة لا بد وأن تضيء وأن تكشف الشخصية عبر العلاقة الشخصية”.