نبذة
كنت أظنّ أنني أُؤلّف كتبي وإذ بهذا الكتاب يؤلّفني، يوضّح لي صورتي عن نفسي، ويستعيد على طريقته، أو على هواه، أحداثاً جرت لي من زمان قد ساهمتْ في “تكويني”. أو يستعيد أحداثاً، من وقت قريب، قد كوَتني أو أمدّتني بفرح مساعد على الحياة بلا منشّطات.
كنت خادم هذا الكتاب. فرض نفسَه عليّ. جاءني لا كوحيٍ، بل كضرورة، وقال لي على طريقة المتصوّفة: يا رشيد، هذا ما انت عليه وما انت فيه، ويا رشيد، لا تنتبه الى نفسك لأنّك لست أنت من ينتبه، بل من ينتبه هو القدير التاريخ!
أسميتُه “ألواح”، وكتبتُه على لوح إلكتروني (بهذا سُمِّي كومبيوتر اليد المحمول النقّال الساحر السهل الاستعمال -“الأيباد” وما شابه.) وتذكّرتُ بالمناسبة أنّ تعاليم حمورابي الشهيرة حفظت على لوح، والكتب المقدّسة محفوظة على ألواح…
وقد دوّنتُ على هذه “الألواح” عدداً من الأحداث التي تطفو على سطح ذاكرتي عند كلّ تجربة صعبة أمرّ بها وأضطرّ إلى عيش صعوبتها. فكلّما مررتُ بتجربة “مهلكة”، تطفو على سطح ذاكرتي أحداثاً بعينها. تصيّدتُ هذه الأحداث ودوّنتُها وكان هذا الكتاب.
ولدتُ يوم ألقيت القنبلة الذرية على هيروشيما. ولدت اذن لغاية. وولدتُ من أب لم يحسن عملاً، ومن أمّ جميلة ومؤذية ببراءتها، وقد علّمني جدي الغناء، وسعيت مشياً على سطح ماء المحيط حين نادتني اليها ناتالي.
وثمّة أحداث لم تحدث، لكنّها لو حدثت لكانت حدثت كما دوّنتها.
ألواح هذا الكتاب من سيرة ذاتيّة، بل أكثر.